كشفت الدكتورة صالحة بو جسوم-استشاري أول أمراض الدم والأورام بالمركز الوطني لعلاج وأبحاث السرطان ومدير برنامج الفحص الوراثي المبكر للسرطان- عن زيادة عدد الحالات التي استقبلها البرنامج للخضوع للتقييم الوراثي المتعلق بالأورام خلال العام الماضي 2017 إلى 800 حالة؛ تم إجراء الفحص الجيني للحالات التي تنطبق عليها المعايير الطبية، واستبعاد بعض الحالات بعد التقييم الإكلينيكي لها ليصل بذلك إجمالي الحالات التي تم استقبالها منذ بدء البرنامج عام 2013 وحتى الآن إلى 2029 حالة، ومعظم التحويلات التي تم استقبالها متلعقه بالإصابة بسرطان الثدي والمبايض بالإضافة إلى سرطان القولون و الرحم.
وأشارت الدكتورة بو جسوم، أن البرنامج يُعد الأول من نوعه على مستوى الشرق الأوسط، ويستقبل الحالات المحوَّلة من المراكز الصحية والأقسام المختلفة بمستشفيات مؤسسة حمد الطبية بالإضافة إلى المستشفيات والمراكز الخاصة بالدولة؛ وهذه الحالات إما أن تكون حالات إصابة بالسرطان في عمر صغير أقل من 40 عاماً، أو تتميز بوجود تاريخ عائلي لدى الأقارب من الدرجة الأولى للإصابة في سن مبكر أقل من 50 عاماً، أو وجود بعض العوامل المسببة للسرطان حيث يتم تقييم الحالة من قِبل اختصاصية الاستشارة الجينية والتعرف على التاريخ المرضي لها وللعائلة، بالتعاون مع طبيب الأورام والممرضة المختصة، وبناءً على المعلومات التي يتم الحصول عليها يتم تصنيف المريض إذا كان من الفئة التي تنطبق عليها السمات الوراثية، ويتم فحص الجينات لمعرفة نوعية الطفرة الوراثية، وإذا لم تنطبق عليهم السمات الوراثية يغادرون العيادة.
وأكدت الدكتورة بو جسوم، أنه يتم استخدام أحدث التقنيات لإجراء فحص الدم المخبري للجينات الوراثيه المتعلقه بالسرطان ، وبعد ثبوت التشخيص يتم طرح الاختيارات المناسبة للمريض لتقليل الإصابة أو الحد من المرض، وأول هذه الإجراءات المقترحة إذا كان المريض في المراحل الأولى من المرض أو غير مصاب وحامل للطفرة الوراثية يخير المريض بين إجراء جراحة لاستئصال العضو المصاب أو المحتمل ظهور المرض عليه، ويقلل التدخل الجراحي من خطورة الإصابة بالمرض بنسبة 90 بالمئة، أو بين إجراء متابعة وفحوصات مكثفة بصفة دورية والتي من شأنها حصار المرض وسرعة اكتشافه في المراحل المبكرة وبالتالي يسهل العلاج.
ومن جانبها أضافت الدكتورة ريم جواد السليمان-مستشارة الجينات الوراثية للأورام السرطانية بالمركز الوطني لعلاج وأبحاث السرطان- أن برنامج الفحص الوراثي يضم فريق متعدد التخصصات وهم مستشارة جينات وراثية متخصصة في الاستشارات الجينية، طبيبة أورام ذات خبرة واسعة في الأمراض الوراثية المتعلقة بالأورام، وممرضات متخصصات ذوات كفاءة عالية تم تأهيلهن للتعامل مع الحالات، بالإضافة إلى أطباء من مختلف التخصصات مثل: الباطنة، غدد صماء، جلدية، وجراحة، وأطباء نساء ويتولى هذا الفربق تقديم الرعاية اللازمة للمرضى ويساعد على التدخل المبكر لسرعة العلاج، فضلاً عن الوقاية من الإصابة بأنواع سرطانات أخرى للمريض وعائلته، وعند تشخيص المريض بوجود الطفرة الجينية يصبح هناك احتمال أن تكون عائلة المريض حاملة للجين بنسبة 50 بالمئة ، لذا نشدد على أقارب المصابين من الدرجة الأولى الذين لديهم تاريخ عائلي للإصابة بالسرطان الخضوع للفحص من خلال الذهاب للمراكز الصحية التي تقوم بدورها بتحويلهم لعيادة الفحص الوراثي لتقديم كافة الخدمات وإجراء الفحوصات اللازمة.
واستطردت د.ريم قائلةً: " إن دور مستشار الجينات الوراثية، هو تحديد نوع الطفرة الجينية التي يجب فحصها بناءً على المعلومات الإكلينيكية المستوفاة من المريض وتاريخ العائلة المرضي، و يتم تحديد العلاج المناسب أو طرق تقليل خطر الإصابة وفقاً لنوع الطفرة الجينية؛ حيث تتيح هذه الطفرة الفرصة للتعرف على طبيعة المرض، وبالتالي فرص العلاج أو الوقايه من المرض بشكل أكبر.
وقالت الدكتورة صالحة بو جسوم: "على سبيل المثال إذا ثبتت إصابة المريضة بسرطان الثدي في المراحل الأولى وشخصت بأنها حاملة للجين الوراثي ((BRCA1,BRCA 2 يتم اقتراح استئصال الثدي كاملاً بدلا من استئصاله بشكل جزئي بالإضافة إلى استئصال الثدي الآخر غير المصاب واستئصال المبايض كإجراء وقائي لتجنب حدوث الإصابه مستقبلاً، ولكن إذا رفضت المريضة الاستئصال الوقائي ننصح باستكمال العلاج المطلوب للسرطان وإجراء المتابعة الدورية المكثفه المتمثلة في فحوصات وتحاليل الدم بشكل دوري، وإجراء الفحص الإكلينيكي للثدي والمبايض ، بالإضافة إلى إجراء الرنين المغناطيسي سنوياً وكذلك الأشعة السينية (الماموجرام)، أما حالات الإصابة الحاملة للجين في المراحل المتأخرة من المرض فقد أثبتت بعض الأدوية فعاليتها في الحد من انتشار المرض والمصرح باستخدامها من قِبل منظمة الأغذية والدواء الأمريكية، وتم استخدامها بالفعل مع ثلاث حالات ويتم تقييم استجابتها للعلاج حالياً.
وبالنسبة لحالات الإصابة بسرطان الأمعاء والقولون بسبب وجود طفرة جينية (Lynch) التي تعد من أشهر متلازمات سرطان الأمعاء ، صرحت أيضاً منظمة الأغذية والدواء باستخدام دواء جديد أثبت فعاليته ، فضلاً عن إجراء منظار للأمعاء بشكل دوري تجنباً لتطور المرض؛ حيث يتم تحديد نوعية العلاج المناسب من قِبل استشاري الأورام المختص لعلاج هذه الأنواع من السرطان.
وبدورها أكدت الدكتورة بو جسوم على عقد اجتماعات دورية مع فريق العمل بالبرنامج لمناقشة كافة الأمور المتعلقة بالحالات من أجل تطوير أساليب العلاج ووضع الخطة العلاجية المناسبة لكل مريض.
وحالياً بعض الجينات الوراثيه يتم فحصها في مختبر مؤسسة حمد الطبية وجاري العمل على دراسة خطة موسعة تشمل فحص الجينات الوراثية الأخرى.