• 13/09/2015

    الدوحة، 12 سبتمبر 2015م: في إطار احتفالاتها باليوم العالمي لمكافحة الانتحار، تسعى مؤسسة حمد الطبية إلى تعزيز الوعي حول الانتحار وسلوك إلحاق الأذى بالنفس، فضلاً عن إلقاء الضوء على أهمية الحصول على الدعم النفسي بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الضغوط والأمراض النفسية.

    حول هذه المناسبة، تقول الدكتورة سهيلة غلوم، استشاري الصحة النفسية، بقسم الطب النفسي، التابع لمؤسسة حمد الطبية: " إن التحدث حول الانتحار مهم للغاية، حيث يشعر الناس بالراحة حين يعبرون عن مشاعرهم وأحاسيسهم، ويدركون أنهم لن يتعرضوا للاستخفاف أو النظرة الدونية من قبل الآخرين، وأن أحدًا لن يزدريهم بسبب ما لديهم من أفكار حول وضع نهاية لحياتهم، وفي هذه الحالة، تزداد لديهم الرغبة في طلب المساعدة والدعم النفسي، ومن خلال التحدث عن الانتحار، يكون بإمكاننا تلمس العوامل والأسباب التي تدعو إليه، ومعرفة كيفية منع حدوثه أو التقليل من حالاته".

    وأردفت الدكتورة سهيلة بقولها: "على النقيض من المفهوم السائد بأن الانتحار أو قتل النفس يعد من مؤشرات ضعف الإنسان وضعف إيمانه؛ فإن معظم حالات الانتحار لا تمثل فعلاً متعمدًا، ولكنها ناتجة عن بعض الأمراض النفسية، مثل الاكتئاب الحاد والقلق الذي يضعف ملكة التمييز والميزان العقلي لدى الشخص الذي يقدم على الانتحار".

    وأكدت خبيرة الطب النفسي بحمد الطبية أن الأمراض النفسية، كالاكتئاب والقلق، لا تختلف كثيرًا عن الأمراض الأخرى، في أن لها أسباب حيوية وأنها قابلة للعلاج، وقد شجعت هذه الأمراض الناس على طلب المساعدة المهنية، ليس فقط من الأطباء النفسانيين، ولكن أيضًا من المرشدين النفسيين، واختصاصيي علم النفس، وذلك حين تبدأ الحالة النفسية لديهم في التأثير السلبي على أنشطتهم المعتادة، مثل قدرتهم على التفاعل الاجتماعي، والعمل، والدراسة، أو القيام ببعض أنشطة الحياة اليومية المعتادة كما أن بالإمكان طلب المساعدة من مجموعات الدعم النفسي، فهي تساعد الإنسان على الإحساس بعدم العزلة.

    وقد كشفت النتائج الأولية لدراسة بحثية أجرتها مؤسسة حمد الطبية حول الانتحار، أن معدل انتشار الانتحار في قطر والمنطقة أقل بكثير مما هو في العديد من البلدان الأخرى، وكشفت الدارسة أيضًا عن أن سلوك إيذاء النفس ينتشر بصورة أكبر بين أوساط المراهقين والشباب في دولة قطر، لاسيما لدى الفئة العمرية بين عمر ستة عشر عامًا إلى أوائل العشرينات، وقد أكدت الدكتورة سهيلة أن البيانات المستخلصة من الدراسة لا تزال قيد التحليل.

    واستطردت الدكتورة سهيلة قائلة: " الذين يلحقون الأذى بأنفسهم من الشباب ضمن هذه الفئة العمرية غالبًا ما يفعلون ذلك بسبب معاناتهم من التوتر والضغوط النفسية، وعلى الرغم من عدم وجود عزم، فعلي على الانتحار لدى الكثيرين، إلا أنهم يلجأون إلى إحداث جروح بأجسامهم، حيث يحقق لهم ذلك إحساسًا فوريًا بالراحة والطمأنينة، وهي طريقة لتحويل حالة التوتر لديهم من حالة نفسية إلى حالة جسدية، يرون أن التعامل معها أسهل وأيسر كما أنها بالنسبة لبعضهم تمثل طريقة للفت انتباه الآخرين وجعلهم يستمعون إليهم"

    من أشهر الضغوط النفسية الشائعة بين أوساط المراهقين، والتي يمكن أن تحملهم على إلحاق الأذى بأنفسهم، الضغوط الاجتماعية والمدرسية، مثل انهيار العلاقات، وضغوط الامتحانات أو الأداء المدرسي بشكل عام، وفي حين أن الناس يتعلمون طرقًا أفضل للتعايش مع الضغوط النفسية حين يصلون مرحلة النضج، فإن المراهقين عادة ما يفتقرون إلى مثل هذه القدرة على التعايش، وربما يعجزون عن شرح ما يعانونه من إحباطات لوالديهم أو أشقائهم أو أصدقائهم، وقد يكون لدى بعض المراهقين سلوك مكتسب يتمثل في الاقتداء بآخرين رأوهم أو سمعوا بأنهم ألحقوا الأذى بأنفسهم.

    وتحمل التغيرات التي تطرأ على شخصية الإنسان كثيرًا في طياتها مؤشرات لحالته النفسية، فالشخص المصاب بالاكتئاب قد تقل درجة تفاعله الاجتماعي عما كان عليه في السابق، وقد لا يستمتع بالأشياء التي اعتاد على الاستمتاع بها سابقًا، وقد يقل مستوى أدائه في المدرسة أو العمل، وأكدت الدكتورة سهيلة على أهمية التحدث إلى أمثال هؤلاء الأشخاص، ومحاولة مناقشة المشكلة معهم، وتحديد ما إذا كانوا يحتاجون إلى عرض حالتهم على الطبيب المختص.

    وشددت الدكتورة سهيلة على أهمية اضطلاع كافة الجهات المعنية، بما فيها الحكومة، والخدمات الاجتماعية، والمؤسسات التعليمية، بالدور المنوط بها لتعزيز الوعي حول هذه القضية الهامة، وتوفير الدعم اللازم للفئات المعرضة لخطر الانتحار، بما في ذلك تعليم الطلاب مهارات المواكبة والتعايش مع الضغوط النفسية، وتدريب المعلمين على التعرف على الطلاب الذين لديهم مشاكل نفسية، مثل الاكتئاب، وتعليم التدابير اللازمة لتخفيف ضغوط العمل.

    إذا كان لديك قلق حول معاناتك أو معاناة طفلك من أي مرض نفسي، أو كنت ترغب في الحصول على مساعدة أو نصيحة طبية، فما عليك إلا مناقشة هذه المشكلة مع طبيبك الحالي، أو الحصول على موعد مع طبيب خاص أو طبيب رعاية صحية أولية، وهو سيقرر ما إذا كنت بحاحة للتحويل إلى قسم الطب النفسي.