خضع ما يزيد عن 295،000 من الأطفال حديثي الولادة في دولة قطر لفحوصات الكشف عن أمراض التمثيل الغذائي والغدد الصماء، بما في ذلك الأمراض النادرة، وذلك في إطار البرنامج الوطني للكشف المبكر عن حديثي الولادة منذ عام 2003. وتبيّن بنتيجة التشخيص أن 958 من هؤلاء الأطفال مصابون باضطرابات نادرة أو أمراض وراثية.
وتعدّ قطر الدولة الأولى في المنطقة التي وضعت برنامجاً وطنياً لفحص الأطفال حديثي الولادة في شهر ديسمبر من العام 2003. ويؤكد الدكتور غسان مصطفى عبده- استشاري أول في طب الأطفال حديثي الولادة ورئيس وحدة الكشف المبكر عن أمراض حديثي الولادة في مركز صحة المرأة والأبحاث بمؤسسة حمد الطبية -أن كافة المواليد الجدد في دولة قطر يخضعون لفحوصات الكشف عن الأمراض والاضطرابات المرتبطة بالتمثيل الغذائي والغدد الصماء في إطار البرنامج الوطني للكشف المبكر لحديثي الولادة.
وأوضح الدكتور عبده قائلاً: "يُعد برنامج الكشف المبكر لحديثي الولادة الذي تقدمه الدولة مجاناً لجميع المواليد في قطر، من برامج الرعاية الصحية العامة الأكثر نجاحاً على مستوى الوقاية. فقد شملت الفحوصات المتضمنة في البرنامج والتي يتم إجراؤها عند الولادة نحو 32 اضطرابًا صحيًا غير أن هذا العدد ما لبث أن ارتفع مع مرور السنوات وأصبح يضم ما يزيد عن 80 مرضًا. كما أُدرجت مؤخراً فحوصات الكشف عن أمراض الدم فيما تتمثل الخطوة التالية في إضافة المزيد من الأمراض. ومعدل الكشف عن اضطرابات التمثيل الغذائي لا يزيد عن حالة واحدة من أصل 961 طفلًا في حين أن معدل الكشف عن اضطرابات الغدد الصماء يبلغ حالة واحدة من أصل 1767 طفلًا".
وفي سبيل تسليط الضوء على أهمية اليوم العالمي للأمراض النادرة، الذي يحييه العالم كل عام في اليوم الأخير من شهر فبراير، نصح الدكتور توفيق بن عمران- رئيس قسم أمراض الأيض الوراثية- الآباء والأمهات بالتأكد من خضوع مولودهم لفحوصات الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية النادرة خلال الساعات الـ 72 الأولى بعد الولادة. وأكد أن الفحص الروتيني، المعروف باختبار "وخز الكعب" يتمثل في أخذ عينة بسيطة من الدم من أخمص قدم الطفل.
وأوضح الدكتور بن عمران قائلاً:" إن الغاية من فحص الدم الذي يتم إجراؤه عقب الولادة هو البحث عن الأمراض القابلة للعلاج والتي لا تظهر عادة أعراضها في المواليد الجدد. فالكشف المبكر عن هذه الأمراض يقي من المضاعفات الصحية الخطيرة ويسهم في إنقاذ الأرواح".
واستطرد الدكتور بن عمران قائلاً :" تتميز الأمراض النادرة بتنوع الاضطرابات الصحية والأعراض الناجمة عنها والتي تختلف بحسب نوع المرض والحالة الصحية لكل مريض. فالأعراض الشائعة وغير المحددة قد تحجب أحياناً الأمراض النادرة الكامنة ما يؤدي إلى سوء تشخيص الحالة".
ويشدد الدكتور بن عمران على أهمية خضوع جميع الأطفال حديثي الولادة لفحوصات الكشف عن الأمراض الوراثية النادرة، مضيفاً ،أن قسم أمراض الأيض الوراثية في مؤسسة حمد الطبية يلتزم برفع مستوى التوعية بالعوامل الوراثية الكامنة وراء عدد من الاضطرابات الصحية التي قد تصيب السكان، ولاسيما تلك التي يُحتمل أن تظهر لدى الأشخاص الذين تعود أصولهم إلى شعب دولة قطر والمنطقة المجاورة.
وفي هذا السياق، صرح الدكتور بن عمران قائلاً:" تشمل الأمراض الوراثية الأكثر شيوعاً في دولة قطر مرض الهيموسيستين يوريا واضطرابات الكوبالامين المتوارثة (نقص فيتامين ب 12). لذا من المهم زيادة التوعية بدور فحص حديثي الولادة في الكشف المبكر وتوفير العلاج الفوري لهذه الحالات المرضية وسواها من الأمراض النادرة. فعملية التوعية بهذه الأمراض تنطوي على أهمية خاصة لأن واحداً من أصل 20 شخصاً سيصاب في مرحلة معينة من حياته بمرض نادر. وتعتبر الأمراض النادرة في أغلب الأحيان من بين الحالات المزمنة التنكسية التي تتطور ببطء وتهدد حياة المريض. إلا أنه من الممكن للأطفال المولودين حديثاً والمصابين بمرض نادر أن يعيشوا حياة طبيعية إذا ما تم تشخيص هذا المرض وعلاجه في مرحلة مبكرة".
وتجدر الإشارة إلى أن مؤسسة حمد الطبية قد أعلنت في مطلع الشهر الحالي أنها تستعد لعقد شراكة مع مستشفى هايدلبيرغ الجامعي الألماني لإنشاء مركز وطني للأمراض النادرة في قطر. حيث يعتبر هذا المركز ثمرة التعاون المشترك مع مستشفى هايدلبيرغ الجامعي الذي سيتيح للمؤسستين دمج معارفهما وخبراتهما وتعزيز سبل التعاون فيما بينهما.