الدوحة، 31 مارس 2019: احتفلت مؤسسة حمد الطبية باليوم العالمي للتوعية بالهذيان عن طريق تنظيم سلسة من الفعاليات التوعوية بمستشفياتها العامة الأربعة خلال شهر مارس، وفي هذا الصدد أكدت الدكتورة هنادي الحمد، استشاري أول ورئيس قسم أمراض الشيخوخة والرعاية المطوّلة بمؤسسة حمد الطبية، على أهمية رفع الوعي بالأعراض والعلامات التحذيرية الشائعة التي تدل على الإصابة باضطراب الهذيان.
وتشير الإحصاءات إلى أن مريضاً من بين كل خمسة مرضى من البالغين في المتوسط يتعرض خلال مرحلة ما أثناء إقامته بالمستشفى لأعراض الهذيان، حيث يُعد كبار السن أكثر عرضة للإصابة بهذه الأعراض. كما تظهر الدراسات أن ما يصل إلى واحد من بين كل ثلاثة من المرضى كبار السن المقيمين بالمستشفى يتعرض للإصابة بأعراض الهذيان.
وأوضحت الدكتورة هنادي الحمد بقولها: "الهذيان هي حالة طبية تتسم بإصابة المريض بالتشوش والاضطراب الإدراكي الحاد بسبب حدوث تغيرات سريعة في وظائف الدماغ نتيجة لحالة طبية كامنة، حيث عادة ما تتسبب إصابة الشخص بحالة مرضية في ظهور أعراض الهذيان. وعلى الرغم من أن ظهور أعراض الهذيان يُعد أكثر شيوعاً بين المرضى داخل المستشفى إلا أن إمكانية الإصابة بها تظل محتملة خارج المستشفى. وبالنسبة للمرضى كبار السن المقيمين بالمستشفى فيمكن أن تتسبب مجموعة من العوامل في ظهور أعراض الهذيان، بما في ذلك العدوى، والجفاف، وضعف التغذية، واستخدام بعض الأدوية المعينة كالأدوية المسكنة للألم. كما يمكن أن تظهر أعراض الهذيان على المرضى داخل المستشفى بسبب الجراحة والتخدير".
وأضافت الدكتورة هنادي الحمد، وهي أيضاً قائد برنامج الشيخوخة الصحية ضمن إطار الاستراتيجية الوطنية للصحة 2018-2022 بوزارة الصحة العامة، أن الهذيان هي حالة معقدة تنطوي عادةً على عدد من العوامل المختلفة، مشيرةً إلى أهمية تثقيف أعضاء فرق الرعاية الصحية المختلفة حول اضطراب الهذيان لضمان قدرتهم على التعرّف على العلامات التحذيرية لهذه الحالة، حيث يمكنهم القيام بدور رئيسي في اكتشاف أعراض الهذيان والوقاية منها، وخاصةً لدى المرضى من كبار السنّ.
وأردفت الدكتورة الحمد بقولها: "يشكل الهذيان مشكلة حقيقية وخاصة للمرضى من كبار السن، حيث أن إصابة المريض بالتشوش والهذيان تزيد من خطر تعرضه لحوادث السقوط والإصابات، وعلى المدى القصير، قد تتسبب الإصابة بالهذيان في إطالة مدة بقاء المريض بالمستشفى وهو ما قد يؤثر على قدرة المريض على التعافي من المرض. أما على المدى الطويل فقد أشارت الدراسات إلى وجود ارتباط بين إصابة المريض بالهذيان وانخفاض مستوى استقلاليته وقدرته على الاعتماد على نفسه أو حتى تسريع وتيرة انخفاض قدراته الإدراكية".
ووفقاً للدكتورة الحمد، تشير التقديرات العالمية إلى أن نحو ثلاث من بين كل أربع حالات للإصابة بالهذيان التي تحدث بين مرضى أقسام الطوارئ تظل دون تشخيص، مشيرة إلى أن فريقها يبذل جهوداً كبيرة لضمان تعريف كوادر الرعاية الصحية بأن الهذيان يُعد حالة مرضية طارئة وقد يؤدي للوفاة في حال تركه دون علاج، مثله مثل أي حالة مرضية حادة أخرى كفشل أحد أعضاء الجسم.
بدوره قال الدكتور ماني شاندران، استشاري أول الطب النفسي للمسنين بقسم طب الشيخوخة في مستشفى الرميلة أن الهذيان يتسبب عادةً في عدد من الأعراض الأخرى التي تؤثر على الحالة الإدراكية والسلوكية للمريض، مثل حدوث اضطرابات في الذاكرة واللغة، والارتباك والتوهان، وحتى الهلوسة. ويؤكد الدكتور شاندران أن من يقوم على رعاية المريض من أفراد أسرته يمكنهم القيام بدور رئيسي في اكتشاف الأعراض والعلامات المبكرة للهذيان.
وأردف بقوله: "يمكن للأسرة لعب دور رئيسي في الكشف عن إصابة المريض بالهذيان لأن أفراد الأسرة يكونون عادةً أول من يلاحظ تغيراً على المريض وأنه لا يتصرف على طبيعته. إن أحد الأعراض الرئيسية للهذيان هي ملاحظة وجود صعوبة لدى المريض في التركيز على أمر ما أو ضعف قدرته على الانتباه ".
وأضاف: "يظهر على بعض المرضى كبار السن المصابين بالهذيان التهيج والانفعال والقلق، بينما تظهر على بعض المرضى الآخرين أعراض الهدوء والانطوائية. وفي معظم الحالات تتراوح حدة الأعراض لدى المريض بين وقت وآخر، حيث يبدو بحال أفضل في بعض الأوقات بينما تسوء الأعراض في أوقات أخرى. وقد يصعب على فرق الرعاية الصحية اكتشاف أعراض الهذيان لدى المريض حيث أنهم لا يكونون على علم بتصرفاته الطبيعية وسلوكه المعتاد".
وأضاف الدكتور شاندران أن تثقيف أفراد الأسرة وتعريفهم بالفارق بين الخرف والهذيان هو أحد الأولويات التي تعمل عليها إدارته، مشيراً إلى أن الكثير من الناس يخلطون بين الهذيان والخرف بسبب التشابه الظاهري بين أعراض المرضين.
وقال: "بالنسبة للمرضى من كبار السن فإنه من المهم للغاية تمكين أفراد الأسرة من تعريفنا فوراً في حال ملاحظتهم ظهور أي تغيرات حادة في سلوك المريض. يمكن أن يبدو الهذيان والخرف متشابهان جداً، كما يزيد من اختلاط الأمر حقيقة أن المرضى المصابين بالخرف يكونون أكثر عرضة للإصابة بالهذيان بسبب طبيعة وضعهم الصحي وحالتهم الإدراكية، حيث تشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 60 في المائة من الأشخاص المصابين بالهذيان يكونون مصابين بحالة خرف كامنة".
وأضاف الدكتور شاندران أنه في حال تم استقبال مريض من كبار السن يعاني من أعراض الهذيان ولم يوجد تشخيص سابق بإصابته بالخرف، فإنه يتوجب أولاً معالجة أعراض الهذيان ومن ثم إجراء تقييم طبي لحالة المريض ومتابعتها بما في ذلك إجراء فحص بعيادة اضطرابات الذاكرة.
جدير بالذكر أن مؤسسة حمد الطبية تعمل مع وزارة الصحة العامة وشركاء القطاع الصحي في قطر على وضع دليل إرشادي للممارسة الإكلينيكية في هذا المجال بهدف تحسين الرعاية المقدمة لمرضى الهذيان في قطر. كما يعمل قسم طب الشيخوخة على تنفيذ دراسة على فئة معينة من المجتمع بالتعاون مع مستشفى لندن الجامعي بهدف جمع بيانات وتحسين المعرفة عن هذا المرض في قطر بما في ذلك معدل انتشاره بين فئة كبار السن.