معلومات صحية

يهل علينا كل عام شهر مبارك ينتظره المسلمون في شتى بقاع الأرض فيستعدون لاستقباله ويتتبعون هلاله ويهللون لقدومه , فيه تشحذ الهمم وتروض النفس وتسمو الروح وتقوى الذات. وأهم ما يميز هذا الشهر عن باقي العام هو الصيام الذي يعنى الامتناع عن تناول الطعام والشراب وممارسة الشهوات خلال النهار ,بالإضافة إلى الجو الروحاني الذي يُضفيه هذا الشهر على المسلمين في تنظيم أوقاتهم بين العبادة والعمل في فترات محددة وتخصيص أوقات يجتمع فيها الأهل والأقارب بل والأصدقاء لتناول الإفطار وفى هذا التجمع يخرج الفرد من العزلة الاجتماعية والروتين الرتيب الذي تعود علية خلال أيام العام من غير رمضان .

كذلك فأنه يضم نظام شامل يلتزم به الجميع حين يصومون خلال النهار ويلتزمون بالعبادة محاولة التقرب إلى الله فيسمو فيه الإنسان عن الصغائر ويضفى عليه روح التسامح في المعاملات والعلاقات بل ويرفع روح الإيثار فتسمو الروح وتهدأ النفس بالالتزام بالعبادات وتعم مظاهر التراحم بين الناس مما يبعث الهدوء والسكينة إلى النفس بالخروج من دائرة الهموم النفسية المعتادة,و فيه تقوى صلة الرحم بل ويزداد فيه التسابق لعمل الخيرات وكثرة الإحسان .كما أنه يساهم في تحسين جودة الأداء في العمل من خلال تقوية روح الفريق .

وللصوم أثار ايجابية في تقوية الإرادة التي تعتبر أحيانا نقطة ضعف لكثير من الأشخاص, كما أن الصبر الذي يتطلبه الصيام خلال النهار يساهم في مضاعفة قدرة الفرد على التحمل مما يقوى العزيمة التي بدورها تتصدى لأى اضطرابات نفسية يمكن أن يتعرض لها الفرد في الأيام العادية. ولا يخلو شهر رمضان من زيادة في الصلوات بالليل والنهار بل يهتم المسلمون في أدائها بكثرة الخشوع مما يساعد الجسم على إفراز مادة الاندروفين التي تقوم بتهدئة البال وراحة الأعصاب وتساعد الجسم في التغلب على القلق وتحمل ضغوط العمل.

ويعد الصوم وقدوم رمضان من أعظم الأمثلة على التحدي وقوة الإرادة والقدرة على مواجهة الكثير من المشاكل النفسية والمثال على ذلك المدخنون الذين اعتادوا على التدخين بانتظام فهم يمتنعون عن التدخين خلال فترات النهار وهى فرصة عظيمة يمكن الاستفادة منها بأخذ قرار التوقف عن التدخين نهائيا وهناك بالفعل نسبة نجاح للإقلاع عن التدخين في شهر رمضان اكبر من النسبة المعتادة في الأيام الأخرى.

ويرتبط الصيام ارتباط وثيق باستقرار الحالة النفسية للفرد فقد أثبتت البحوث العلمية في مجال الطب النفسي أن الأشخاص الذين يتمتعون بشخصية متزنة ولديهم وازع ديني قوى ويلتزمون بأداء العبادات وروح الدين في تعاملاتهم هم غالبا اقل إصابة بالاضطرابات النفسية ,كذلك فان الشعور النفسي بالطمأنينة المصاحب للإيمان بالله لها علاقة بتقوية جهاز المناعة الداخلي والذي يقوم بدور حاسم في مقاومة الأمراض.

ومن خلال هذه الأيام المباركة التي تطل علينا بنفحاتها نستطيع تحقيق الكثير من المكاسب الدينية والبدنية والنفسية والاجتماعية فلا تدع الفرصة تفوتك. فهنيئا لمن أدرك رمضان وانخرط في طاعة الرحمن املآ في العفو والغفران لتستقر نفسه مُبشّرة بالفوز بالجنان.

د/ رضا طه أحمد أبو العزب
أخصائي برامج صحية – قسم برامج التثقيف الصحي
وزارة الصحة العامة


​​
​​​