سلّطت دراسة بحثية محليّة جديدة الضوء على ضرورة مساعدة النساء البالغات على فهم أهمية اتباع نمط حياتي صحي للوقاية من الإصابة بسكّري الحمل والتقليل من مخاطره، وقد أشار الباحث الذي أشرف على الدراسة البحثية الى أن الإصابة بسكّري الحمل يزيد من المضاعفات المرتبطة بالحمل وقد يتسبب في حدوث مشاكل صحية خطيرة وطويلة الأمد للحامل والجنين.
وحول الإصابة بسكّري الحمل ومراحل تطوّره قال الدكتور محمد بشير، استشاري السكّري والغدد الصماء بمؤسسة حمد الطبية ورئيس عيادة السكّري في مركز صحة المرأة والأبحاث، والباحث الذي أشرف على الدراسة البحثية :"تصاب بعض النساء أثناء فترة الحمل بارتفاع في مستوى السكّر في الدم وهو ما يسمّى بسكّري الحمل وعادة ما تظهر أعراض هذا المرض في الفترة ما بين الأسبوع 24 والأسبوع 28 من الحمل، وكما هو الحال في مختلف أشكال مرض السكّري يتمثّل هذا المرض في اختلال استخدام خلايا الجسم للسكّر، إلا أن نسب سكّر الدم في حالات سكّري الحمل تعود الى مستوياتها الطبيعية عادة بعد الولادة بفترة قصيرة، ومتى ما تعرّضت الحامل للإصابة بسكّري الحمل فإنها على الأغلب ستصاب به عند الحمل مستقبلاً كما أنها تصبح عٌرضة للإصابة بمرض السكّري من الفئة الثانية في مرحلة متأخرة من حياتها".
وأضاف الدكتور محمد بشير:" ينطوي سكّري الحمل على مضاعفات ذات أثر سلبي على الجنين مثل الولادة المبكّرة والوزن المفرط للجنين وقت الولادة، إضافة الى أن 50 بالمائة من النساء الحوامل اللاتي أٌصبن بسكّري الحمل يتعرّضن للإصابة بمرض السكّري من الفئة الثانية خلال 5 سنوات من تاريخ إصابتهن بسكّري الحمل للمرة الأولى".
وأشار الدكتور محمد بشير أنه على الرغم من أن معظم النساء اللاتي يتعرّضن للإصابة بسكّري الحمل ينجبن مواليد أصحاء إلا أنه ينبغي التعامل مع هذا المرض بحذر شديد باعتبار أنه يتسبب في حدوث مشاكل صحية خطيرة وطويلة الأمد للحامل والجنين، منوّهاً الى أن واحداً من بين كل خمسة مواليد يولدون لأمّهات أُصبن بسكّري الحمل يكون عرضة للإصابة بمرض السكّري من الفئة الثانية عند بلوغه العشرين عاماً من العمر، وتزيد هذه النسبة لتصبح واحداً من بين كل ثلاثة مواليد عند بلوغه الثلاثين عاماً من العمر.
ويقول الدكتور محمد بشير:" إن من شأن اتباع الأنماط الحياتية الصحية مثل تناول الطعام الصحي وممارسة التمارين الرياضية والبدنية التقليل من مخاطر الإصابة بسكّري الحمل والتقليل من فرص الإصابة بمرض السكّري من الفئة الثانية في المستقبل، لذا فإننا نقوم بمراقبة حالات النساء اللاتي يعانين من سكّري الحمل والعمل على ضبط مستويات سكّر الدم لديهن".
وأوضح الدكتور محمد بشير أن سكّري الحمل يعدّ واحداً من أهمّ التحدّيات الصحية التي يواجهها المجتمع بما لها من أثر سلبي على الجيل الحالي من الشابات وأجيال المستقبل، مشيراً الى أن الدراسية البحثية قد أولت الكثير من الأهمية للبرامج والمبادرات الرامية الى تقديم الدعم للمحافظة على الوزن المناسب للنساء البالغات، وقال:" تشير نتائج الدراسة التي قمنا بإجرائها الى أن 70 – 80 بالمائة من النساء اللاتي أجريت لهن الفحوصات كُنّ يعانين من زيادة أو فرط في الوزن في بداية فترة الحمل، ويعدّ ذلك أحد الأسباب الكامنة وراء ارتفاع معدّلات الإصابة بسكّري الحمل في قطر، لذا فإن مساعدة النساء والأُسر على فهم مخاطر السُمنة تعتبر على قدر كبير من الأهمية، ونأمل في أن تكون نتائج هذه الدراسة حافزاً للنساء البالغات ممن هنّ في سنّ الحمل على العمل على خفض الوزن قبل الحمل".
وحول أهمية الدراسة البحثية بالنسبة للكوادر الطبية، خاصة الأطباء الذين يشرفون على متابعة حالات النساء أثناء فترة الحمل، ودورهم في الحدّ من انتشار سكّري الحمل وما يترتب عليه من مضاعفات خطيرة، قال الدكتور محمد بشير:" يعتبر سكّري الحمل على الأغلب من الأمراض التي يمكن تجنبها من خلال الحيلولة دون زيادة الوزن أثناء فترة الحمل، ويمكن لأعضاء الفرق الطبية، خاصة الذين يشرفون على متابعة حالات النساء أثناء فترة الحمل من أطباء وممرضات وقابلات بما لديهم من دراية بسكّري الحمل كأحد الأمراض التي غالباً ما تكون دون أعراض، أن تلعب دوراً محورياً في إقناع المريضات ذوات الوزن الزائد بأهمية تغيير أنماط حياتهن قبل الحمل، ومساعدة النساء الحوامل على المحافظة على الوزن الطبيعي خلال فترة الحمل واتباع اللوائح الخاصة بمعالجة سكّري الحمل في قطر".
وتابع الدكتور محمد بشير حديثه بالقول:" من العوامل المحددّة للإصابة بمرض السكري: العامل الوراثي، والعامل البيئي المؤثر، ويسهم كلا العاملين في ارتفاع معدّلات السكّري في قطر خاصة إذا أخذنا بعين الإعتبار أن معظم المقيمين في قطر قد أتوا من مناطق ترتفع فيها معدّلات انتشار السكّري مثل الشرق الأوسط وشبه الجزيرة الهندية، علاوة على أن معظم السكان يشتركون في نفس الظروف الحياتية والأطعمة التي اعتادوا تناولها وقلّة التمارين البدنية التي يمارسونها، كما أن نتائج الدراسة البحثية أشارت الى أن معدّلات انتشار سكّري الحمل في أوساط مختلف الإثنيات في قطر متساوية تقريباً مما يدلّ على أن الأنماط الحياتية الصحية والدور الذي تؤديه كوادر الرعاية الصحية تلعبان دوراً محورياً في تقليل معدل انتشار هذا المرض"
ويأمل الدكتور محمد بشير في أن تكون الدراسة البحثية التي أشرف عليها وكانت بعنوان" معدلات انتشار سكّري الحمل المكتشف حديثاً لدى النساء الحوامل في قطر" باستخدام عينات عامة عوناً للقائمين على التخطيط للخدمات المقدّمة للنساء الحوامل، ويقول أنه إذا تمكنّا من منع انتشار سكّري الحمل فإنه سيكون بمقدورنا حماية الأجيال القادمة من الأعباء المترتبة على الإصابة هذا المرض المعقّد.