الدوحة19 يونيو 2022 أجريت بنجاح في مستشفى حمد العام التابع لمؤسسة حمد الطبية جراحة عالية الدقة والاختصاص لاستئصال ورم في منطقه الكلام والحركة بالدماغ لمريض باستخدام التصوير الوظيفي بالرنين المغناطيسي، وتكونولوجيا التصوير الشعاعي ثلاثي الأبعاد لرسم الدماغ وذلك للمرة الأولى في قطر، وقد أجريت الجراحة أثناء يقظة المريض الذي غادر المستشفى بعد خمسه أيام من العملية وهو في صحة جيدة.
وقد أجرىت العملية التي استغرقت أكثر من 5 ساعات واستخدمت خلالها تقنيات فائقة التطور، من قبل فريق طبي من مؤسسة حمد الطبية مكون من أكثر من 10 أشخاص برئاسة الدكتورة/ غايه إبراهيم الرميحي - استشاري جراحة المخ والأعصاب والأشعة التداخلية والعمود الفقري. وقد ضم الفريق كل من: الدكتور/ آرون راجي سوارن-أخصائي جراحة المخ والأعصاب، ود. عبد الله عمر عليان، ود. محسن خان-طبيبان مقيمان بقسم جراحة المخ والأعصاب، ود. كشور كومار-استشاري التخدير، ود. جون بيركنز- الاستشاري في علم النفس العصبي، والسيد/ محمد الغزو- تقني لمراقبة الحركة والشحنات الكهربائية للدماغ أثناء العمليات الجراحية بالإضافة الى طاقم التمريض الجراحي برئاسة السيدة /نجلاء فتحي ومساعدي التخدير.
وقد ساهمت الجراحة في تحسين جوده حياة المريض البالغ من العمر 40 عاماً وكان من الضروري إجراء الجراحة أثناء يقظة المريض والحفاظ على تفاعله مع الفريق الجراحي بسبب تواجد الورم بالقرب من المناطق الحرجة التي تتحكم في الكلام والمهارات الحركية ، وكان المريض يتحدث مع الجراحين ويقرأ القرآن أثناء إجراء العملية مما مَكَّن الأطباء من أن يتعاملوا مع الورم دون الإضرار بالمسارات الحيوية بالدماغ.
ومن جانبها قالت الدكتورة/غاية الرميحي: " لم يكن الفريق الطبي متعدد التخصصات قادراً على استئصال الورم بالجراحة وحسب، بل نجح كذلك في التقليل من نوبات الصرع التي كانت تنتاب المريض نتيجة هذا الورم وهو من الدرجة الثانية ، مع الحفاظ على مهاراته الوظيفية، ونحن نشكر المريض الذي تعاون معنا بشكل ملحوظ أثناء الجراحة وتجاوبه مع الفريق الجراحي ومع استشاري علم النفس العصبي الذي حرص على التواصل مع المريض باللغة العربية طوال مدة العملية وقياسه لدرجة الانتباه وحالة الذاكرة والتخاطب ونشاط الدماغ لحظة بلحظة اثناء العملية مما يجعل هذه العملية هي الأولى من نوعها في دولة قطر من حيث تواجد طبيب علم النفس العصبي داخل غرفة العمليات و استخدم اختباراتٍ باللغة العربية، صُمِّمت خصيصاً لكي نتمكن من فحص المريض أثناء العملية، بلغته الأم. وهذا أمر مهم لأن ترجمةً اللغة الإنجليزيةً للاستبيانات الموجودة حالياً عالميا قد يدركها الدماغ بطريقة مختلفة تماماً."
وحول تفاصيل هذه الجراحة توضح د. غاية الرميحي قائلة: " تم تشخيص الورم في الفص الدماغي الأيسر المسؤول عن الكلام لدى المريض قبل ثلاث سنوات حيث تطور الورم وزاد حجمه وكان يسبب له صعوبةً في الكلام، ونوبات من الدوار والصرع الكلي وشللاً مفاجئاً في ذراعه الأيمن ورغم أن الورم بطيءَ النموِّ إلا إنه في موضعٍ قريبٍ جداً من مراكز اللغة والحركة في قشرة الدماغ مما تطلب أن تتم الجراحة أثناء يقظة المريض لتمكنا من اجراء اختبار وظائف اللغة والوظائف الإدراكية العليا أثناء الجراحة والتقليل من مخاطر العملية الجراحية" .
وتضيف د. غاية قائلة: " ناقشنا المريض في طريقة إجراء العملية لضمان ارتياحه لفكرة أن يظل متيقظاً أثناء الجراحة، وقد أجرى الفريق الطبي المتكامل الذي شارك بالجراحة الفحوصات العصبية الأولية، والتقييمات اللازمة للحالة وساروا مع المريض في جميع الإجراءات، على مدى أيام عديدة، استعداداً للعملية. أما عن التقنيات التي تم استخدامها أثناء الجراحة فقد استخدمنا جهاز الملاحة، وهي تقنيةً ثلاثيةَ الأبعاد، عاليةَ الجودة، تعطي صوراً متتابعةً لرسم تخطيط المسارات الأكثر أماناً، للوصول إلى الورم وإزالته، وهي تقنية تعمل بطريقة نظام تحديد المواقع (جي بي إس)، التي تستلزم عمل خطه لرسم نموذجاً ثلاثي الأبعاد لدماغ المريض وللورم قبل الجراحة للحيلولة دون تلف أي نسيج سليم بقدر الإمكان. ، وأيضا جهاز رسم خرائط الدماغ اثناء العملية الذي يوفر خريطةً دقيقه للمراكز الدماغية التي تتحكم في كل من وظيفة الحركة والكلام. بالإضافة الى استخدام جهاز أنبوب شفط أحادي القطب لشفط السوائل والدم وفي نفس الوقت هو جهاز مزود بحساس في مقدمته ليثبت السيال العصبي في المناطق الوظيفية وهو من الأجهزة التي تستخدم للمرة الأولى في هذا النوع من العمليات في قطر"
وقد ظل المريض متيقظاً طوال أغلب فترات العملية بينما يقوم الاطباء بإجراء التخطيط الدماغي للمريض واستئصال الورم من دون أن يشعر المريض بأي آلام كما كان الفريق الطبي شديد الحذر للحفاظ على سلامة مراكز الكلام والحركة في الدماغ. وقد ساهمت علاقة الثقة والطمأنينة بين المريض والفريق الطبي في نجاح العملي،
وقد اكدت الدكتورة غايه الرميحي ان كثير من المتخصصين في مجال جراحه المخ والاعصاب الذين يعملون بمفردهم في مثل هذه الحالات العصبية المعقدة لا يستطيعون، في كثير من الأحيان، معالجتها على نحو ملائم. فقد أثبتت التجربة أن هذه الحالات تتجاوب بشكل أكثر فاعلية عندما يتم العمل بها بروح الفريق الواحد من قبل فرق متعددة التخصصات لضمان حصول كل مريض على الرعاية الصحية الجيدة والمتكاملة.
وتختم الدكتورة غايه الرميحي قائلة :" أنا فخوره جداً بنهج وأسلوب فريقنا في مؤسسة حمد الطبية في مفهوم العلاج متعدد التخصصات وما حققناه من نجاحات في عمليات المخ والحبل الشوكي المعقدة . ومن هذا المنطلق نلقي الضوء على التطورات السريعة في مجال الرعاية الصحية في قطر مع توفر الابتكارات الحديثة والمتطورة في مجال التكنولوجيا الطبية، وأنا على يقين أننا نجمع أفضل الخبرات والفرق لإنقاذ حياة المرضى المصابين بسرطان المخ . ما يلهمنا ويشجعنا هو أن نجاح الجراحة يمنح الأمل للمرضى الآخرين الذين يعانون من حالات مماثلة وتقليل معاناة المرضى وأسرهم الذين كانوا يجرون مثل هذه الجراحات في الخارج. "